الاثنين، 10 يونيو 2013

أهمية النظام للتنمية وللحياة


إنني مهتمة كل الاهتمام باسباب تقدم الشعوب. وقراءاتي في هذا الموضوع أظهرت لي أن من أهم أسباب تقدم الشعوب هو نظامها.

لماذا تتقدم الشعوب المنظمة؟

لأسباب كثيرة: فالشعب المنظم، مثل الشخص المنظم، لا يهدر وقته وطاقته، بعكس غير المنظم، كذلك، المنظم يرتب الأشياء في محيطه ويرتب الأفكار في ذهنه، وعندما يحتاج الأشياء أو الأفكار يستطيع أن يصل إليها بسهولة، ولذلك، فهو ينتج أفضل من الشخص غير المنظم. كذلك، في المجتمع المنظم تجد المسئوليات معروفة، والأدوار معروفة، وهذا النظام يحد من التشاحن فيصبح المجتمع أكثر إنتاجية وأكثر تقدمًا من المجتمع غير المنظم.

منذ عشرات السنين قرأت أن شخصية عالمية مشهورة بكرهها لمصر قالت: "سأبدأ أخاف من المصريين عندما يتعلمون كيف يصطفون في طوابير على محطة الأوتوبيس"، فغضبت لهذا القول لأن ما لاحظته هذه الشخصية هو عين الحقيقة (والحقيقة توجع)، فنحن لا نقف في طوابير على محطة الأوتوبيس (منذ مدة أضربت شركات المواصلات في المغرب، وأظهر التلفزيون المغاربة وهم يقفون في طوابير طويلة على محطات الأوتوبيس!!)، نحتشد على المحطة في مظاهرة صغيرة تمتد في الشارع فتعيق مرور السيارات، وعندما يأتي الأتوبيس يهجم المنتظرون فلا يعطون الفرصة لمن يريد أن ينزل، ويتدافعون في الركوب، كل فرد يدفع الآخر حتى يركب قبله، وكل هذه التصرفات فيها تعطيل وقلة إنتاجية للجميع.

هل سمعت بضفيرة المرور؟ في البلاد التي بها نظام مرور جيد ومحترم تجد أنه عندما تُقفل حارة مرور سيارات في الشارع تتناوب السيارات بنظام شديد من الحارة المقفولة ومن الحارة المفتوحة، سيارة من هذه الحارة، وسيارة من الحارة الأخرى، وكأننا نضفر ضفيرة، فيسير المرور بسلاسة، دون الحاجة لعسكري مرور، الكل يعرف كيف يضفر فلا يضيع الوقت على أحد.

لأهمية النظام في حياتنا سأقص قصة حدثت لي منذ بضعة سنوات ولكني لم أنسها واخترت أن أقدمها هنا لأنها تظهر علاقة النظام بالقانون، وبالتالي بالتقدم.

كنت في مطار القاهرة الدولي أقف في طابور طويل في الجوازات. رأيت رجلاً يتلصص ويقترب من الطابور وهو يعطينا ظهره (وكأنه عندما يعطينا ظهره لن نراه!)، وفي ثانية واحدة وجدته في الطابور أمام الرجل الذي يقف أمامي! مددت يدي وبهدوء ربت على كتفه وقلت: "هذا ليس مكانك، مكانك في آخر الطابور" فنظر إلى الرجل الذي تخطاه وسأله: "عندك مانع؟"، وقبل أن يجيب الرجل أجبت: "إذا كنت تريد أن تأخذ الموافقة، فيجب أن تسأل كل من في الطابور، فكلهم سيتضررون من تخطيك لهم".

كان ضابط الجوازات في الحارة المجاورة يلاحظ ما يحدث، فلم يعجبه ما رأى. كيف أجرؤ أن أقول ما هو صحيح وما هو خطأ؟ فهو الضابط، هو من يستطيع أن يطبق القانون، ويستطيع أيضًا أن يكسره إن أراد، فأشار إلى الرجل المتعدي أن يأتي إليه في الحارة المجاورة، وأنهى أوراقه، وجعله يتعدى كل من في الطابور المجاور!!

فهمت مغزى عمله، وحزنت لحال بلدي.

ولكني قررت ألا أجعل هذا التصرف يثنيني عن محاربتي لعدم النظام. فأحيانًا ما أكون في طابور الحساب في السوبر ماركت، وتتعداني سيدة أو طفلة وتضع ما تريد أن تدفع ثمنه أمامي على سير البضائع، وعندما أحتج أنها يجب أن تقف في الطابور، أجدها إما تتوسل: "معلهشي" أو توبخني: "يعني مش قادرة تنتظري دقيقتين؟!!"، أو ترد بوقاحة: "وفيها إيه؟ ما أنا مستعجلة"، وأصر على الحفاظ على حقي، واحترام النظام، وأتمنى أننا جميعًا نصر أن يحترم النظام في حياتنا، ولا نقول أبدًا: "معلهشي" أو "فوت" أو "كبر دماغك" أو نخجل أن نطلب أن يحترم النظام.

وهنا قالت شهرزاد: "أتمنى أن نحافظ على النظام، فالنظام أساس القانون ويساعد على تقدمنا"، وسكتت عن الكلام المباح.


د. سهير الدفراوي المصري

هناك تعليق واحد:

  1. بالفعل نحن تعلمنامعنى احترام الطابور عندما وقفنا فى طابور الانتخابات لاول مرة بعد الثورة و تعلمنا كثيرا من احترام الغير و احترام انتظار دورى دون اللجوء الى اختراق الطابور او النظام

    ردحذف

المتابعون