الأربعاء، 4 يناير 2012

الريشة فوق الرأس



ذهبت بالأمس إلى مول سيتي ستارز بمدينة نصر.
على باب المول كانت هناك لافتات أن هذا المكان خال من التدخين. كذلك، عندما سرت في المول وجدت لافتات كثيرة تؤكد أن هذا مكان خال من التدخين، وفعلاً وجدت كل الناس في المول لا يدخنون. وهذا شيء جيد.
ولكن عندما جلست في قهوة ستارباكس، كان الشباب الذين يجلسون على المنضدة المجاورة يدخنون بشراهة، وأزعجني الدخان.
نظرت إلى المناضد المجاورة فوجدت على كل منها مطفأة سجائر، فذهبت إلى
الشاب الذي يحضر القهوة، وكان شابًا مهذبًا، قد يكون جامعيًا لم يجد عملاً أفضل من تحضير قهوة في مول تجاري، وسألته: "كيف تسكت على كل هذا التدخين وأمامك هذه اللافتة التي تشير إلى أن التدخين ممنوع؟"
أجابني بشيء من الفخر: "ستاربكس مسموح أن يدخن الناس فيه، إدارة المول سامحة لنا". 
وظهرت الريشة فوق رأسه.
الكل يريد أن تكون على رأسه ريشة. بذكاء، بغباء، لا يهم.
المهم هي الريشة فوق الرأس.
الريشة التي تقول: "أنا مختلف عن الجميع. أنا أحسن من الجميع".
ولأن الناس المهمين في البلد هم من يستثنون من القوانين ويكسرونها، فعندما يرى الشاب أن إدارة المول تسمح لستاربكس أن يكسر قانون منع التدخين ويستثنى منه، تتكون عنده عقيدة أن ستاربكس يشبه الناس المهمين في البلد وهو يفتخر لمكانة ستاربكس وللريشة على رأسه.
ولكن ماذا عن هذا الشاب؟ لماذا يفتخر بالريشة التي هي على رأس ستاربكس فهي ليست على رأسه هو؟ صحيح أنه يعمل في ستاربكس، ويستطيع أن يفخر بعمل جيد يقوم به ستاربكس، هل يفهم من ذلك أن كسر القانون الذي يسري على الكل والاستثناء منه يعتبر عملاً جيدًا يجلب الفخر؟
 الاستثناء من القوانين في عهدنا هذا هو سمة الناس المهمين في البلد. لذلك، هذا الشاب يفخر لقربه ممن يُستثنون من القوانين التي تسري على باقي الناس، لذا أقنع نفسه أن الريشة على رأس ستاربكس هي أيضًا من حقه، وظهرت فوق رأسه هو أيضًا ريشة.
ولكن إذا تمعن في التفكير لعرف أن الاستثناء من القانون كأشياء كثيرة في الحياة لا تتجزأ، فإذا كان يقبل (بل يفخر) أن يُستثنى ستاربكس من قانون منع التدخين، فعليه أيضًا أن يقبل أن يستثنى الآخرون من شروط الوظائف، وأن تؤخذ منه الوظيفة التي يستحقها، وتُعطى استثنائيًا لمن عنده وساطة أفضل، فيضطر أن يعمل في تحضير القهوة في مول تجاري.
كيف نفهمه أنه أول من سيُضر من إستثناء القانون، وأننا كلنا جميعًا نُضر لأن الكل متواصل؟
كيف نفهم جميعًا أن الحل هو سيادة القانون، وأننا جميعًا يجب أن نحارب لسيادة القانون لأن سيادة القانون في مصلحتنا جميعًا؟
وهنا قالت شهرزاد: "أتمنى أن يتفكر الناس في أهمية سيادة القانون"، وكفت عن الكلام المباح.

د/سهير الدفراوي المصري

هناك تعليق واحد:

  1. السيدة مانون24 يناير 2012 في 2:23 م

    دكتورة سهير أنني اشراككي في الراي يجب باي شىء تغيير هذه العقلية و التقاليد الخاطءة التي ورثناها من النظام الفاسد السابق, بكل معايره. تطبيق القوانين للجميع سوف تقفز بنا الي دولة متقدمة.

    ردحذف

المتابعون