الأربعاء، 16 مايو 2012

"العين صابتني ورب العرش نجاني"


كنت أقود سيارتي وراء مايكروباس كتب عليه "العين صابتني ورب العرش نجاني".

تأملت ما قرأت وتفكرت فيه، وحاولت أن أفهم عقلية من كتب هذا.

لماذا كتب صاحب المايكروباس هذه المقولة؟



أولاً: هي مقولة تتمحك في الدين، فمن كتبها يقدمها كدليل على تمسكه بمعتقداته الدينية، فنحن شعب ترعرع فيه الدين منذ آلاف السنين ووصل إلى نخاعه، شعب ولدت فيه ديانة الإله الواحد، والآن في عصر الصحوة الدينية التي اجتاحت العالم كله نجد الكثيرين يتباهون بمظاهر التدين بدءًا من الزبيبة في الجبهة واللحية غير المهذبة، إلى تلاوة القرآن في محال السوبرماركت حيث لا ينصت إليه الكثير المنهمكون في التسوق، ونجد المقولات الدينية في كل مكان.

ثانيًا: هو يقدمها كدليل على أن: "الناس يحسدونني ولكن الله معي وينجيني من حسدهم، طبعًا لأنني الخير، وهم الشر"، وفي باطن هذه الأفكار هناك معتقد أساسي: "أنا مفعول به، ليس لي يد فيما حدث لي من العين التي أصابتني، وأيضًا ليس لي يد فيما نجاني منه رب العرش".

تفكرت فيما توصلت إليه: هذا شيء خطير أن يشعر الفرد أنه غير متحكم فيما يحدث له، هو مفعول به، ليس عنده إحساس بالتمكين، فوجدت أن الإحساس بالمفعول به موجود إلى حد كبير في مجتمعنا، وثقافتنا مليئة بالأمثلة الشعبية التي تربي في أولادنا الإحساس بعدم التمكين، فنحن نعلم أولادنا أن يسيروا بجانب الحائط حتى ينجوا بأنفسهم، وأن عليهم أن يتقبلوا وضعهم كما هو، ولو اضطرتهم الظروف أن ينافقوا ليصلوا إلى هدفهم فالمفروض أن ينافقوا: "إذا كان لك حاجة عند الكلب قل له ياسيدي"، ثقافة تطلب من المرأة أن تتقبل كل مذلة حتى تبقى في"ظل راجل ولا ظل حيطة"، ثقافة تطلب من الشعب أن يطيع الحاكم ولا يثور عليه حتى ولو كان فاسقًا.

تساءلت ما سبب هذه الثقافة؟

ربما نكون قد توارثناها عن أجدادنا، وربما تكون نتيجة عدم التمكين الذي عاشه الشعب تحت أنظمة استعمارية لآلاف السنين، أو أنظمة ديكتاتورية وأحكام طوارئ في الوقت الحالي، وربما يكون النظام القبلي هو السبب حيث ترتقي القبيلة أو المجموع على حساب الفرد، فيتعود الفرد أن يشعر بعدم التمكين، ويتعود أن يشعر بحال المفعول به.

لا أعرف.

على كل حال، نحن كشعب نمتلك أمثلة تشجع على عدم التمكين وتقبل الوضع الحاضر، أكثر من شعوب أخرى عاشرتها، وثقافتنا تشجع أن نبقى مفعولاً به، وحتى عندما نكون فاعلاً ونقوم برد فعل لا يكون عملنا من منطلق حر، ولكننا نتصرف ونحن محكومون بنوعية التحفيز الذي وصلنا، فكثيرًا ما نسمع "هو استفزني، فضربته"، أو "هي استهزأت بي فكان لازم أشتمها"، وكأن هناك حتمية بين الاستفزاز أو الاستهزاء، والضرب أو الشتيمة، ويربى الفرد على هذه الحتمية، فيشعر أنه ليس عنده الحرية في التصرف. هو محكوم بنوعية التحفيز الذي يصله من الآخرين. هذا نوع آخر من عدم الحرية، من عدم التمكين نتربى عليه من الصغر.

نحن في "مؤسسة الثقافة والتعليم للطفل والعائلة" قد اهتممنا بموضوع تمكين الطفل، ونعلمه ألا يكون مفعولاً به، فنسأله أسئلة كثيرة، ونناقشه ونتعرف على رأيه حتى نربي فيه الإيجابية والتمكين. كذلك، نعلمه ألا يربط نفسه بتصرفات الآخرين، فنقول له: "اعمل حول نفسك سياجًا شفافًا مساميًا لا يسمح لكل الكلام أن يخترقه. إذا قال لك طفل "أنت غبي"، لا تسمح لهذا الكلام أن يخترق مسام سياجك قبل أن تفحصه، وعندما تفحصه قد تكتشف أنه كلام من منطلق الغيرة، فلا تسمح له أن يخترق السياج ويضايقك، ولكن إذا فحصته واكتشفت أنه إهانة فاسمح له أن يخترق السياج وتصرف بناءً على ما يمليه عليك عقلك، فأنت سيد نفسك، تتحكم فيها".

وهنا قالت شهرزاد: "إنه لأمر في غاية الأهمية أن نزرع في أولادنا الإحساس بالتمكين"، وسكتت عن الكلام المباح.

د/سهير الدفراوي المصري

هناك 3 تعليقات:

  1. هذه الأفكار تعتمد على بعضها البعض
    فالإيمان ببعض الأقوال يجعلنا نستخدمها فى حياتنا ونتصرف طبقا لها
    يأتى هذا أيضا على بعض الأمثال الشعبية التى يؤمن بها الكثير ، ومن ثم تصبح جزء من حياته ويستشهد بها فى مواقفه العديدة منها ماهو إيجابى وماهو سلبى
    ولكن؛ لاينظر البعض إلى المعانى والدلائل التى تحملها هذه الأمثال

    و مؤسسة الثقافة والتعليم للطفل والعائلة متفردة فى تعليم التمكين للطفل ،ياليت التمكين يكون جزء من تربية الأبناء فى الأسرة والمدرسة

    ردحذف
  2. ليست الأمثال الشعبية دليل على تمسك الناس بالدين،فقد علمنا الدين علاقة تسمى بعلاقة (السببية بالمسبب ) وبمعنى آخر يقول الله عز وجل ( وهديناه النجدين ) والمعنى أن الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان مخير وليس مسير

    ثانياً : العين صابتنى.... ليست مقولة دينية ، وإن أعدناها للغة العربية نجدها جملة خبرية

    ثالثاً : لماذا افترضتى أن الشائق يقدم تلك المقولة على أنها دليل ( أنه هو الخير والآخرين هم الشر ) هذا مجرد افتراض منك ليس إلا ، صحيح؟؟؟

    رابعاً : خلقنا الله سبحانه وتعالى تارة نكون الفاعل وتارة نكون المفعول ، ومن المنطق لو كان كل الناس هم الفاعل فمن المفعول به ، ألم تسمعي لقول الله عز وجل ( وجعلنا بعضكم فوق بعض درجات ليتخذ بعضكم بعضاً سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون )

    خامساً: الحسد شيء موجود ومعترف به ، وأنتم المثقفون تقولون عندما تشعرون بالحسد ،إمسك الخشب أو Touch wood أليس كذلك،معتقدين بأن لمس الخشب ينجيكم من الحسد ،إذا إن كان مقصد السائق أن الله نجاه من الحسد فما العيب في ذلك ، وقد استعان بالله وليس بقطعة خشب ؟؟؟؟

    سادساً:كل الأمثال التى ذكرتيها ليس لها صلة أو علاقة بالدين ، وأرجو منكى أن تحذري خلط تلك الأمثال وإنسابها للدين

    أرجو منك أيتها الكاتبة عدم استخدام الدين كـ شماعة تعلقي عليها أفكارك أنت.

    ردحذف
  3. العقلية الغيبية والتى ترتاح من مجهود عناء البحث والتنقيب عن الأسباب العلمية وتحليلها حتى تتقدم الأمم ...عقلية توهمك بالتقوى وهى تنزع الى الأستكانة ( مش عايزه تتعب وتتمحص ) ولكى تمرر الأمر لنفسها وللناس يقولك ( ربنا ) وكأن الله سبحانة وتعالى لايحث على الأخذ بالأسباب لأنه خالق الطبيعة وقانونها الطبيعى الذى لايمكن أن يكسره ...يقولك كلام بلا معنى ويلبسه المعنى بأسناد حيثية ما ..ولاعلاقة تقريبا بين الكلام ...ومايأتيه اليك من سند ...يعنى أيه العين صابتنى ويعنى أيه حسد ويعنى ويعنى ...كلام لايستند الى علم ... ويمرر لك الفكرة بخدعة ..ويقولك ( رب العرش )..وليه رب العرش يكسر قانون الطبيعة اللى هو بجلاله وضعه ..لاتجد سوى أتهام أسرع جنونا من سواقته للسيارةويقولك متكفرش بالله ...وتسال يعنى أيه كفر بالله يدخل بك الى عالم آخر لايمت للمنطق والحوار بصلة الا أن يقنعك ويدعو لك بالتوبه عن خطأ لم ترتكبه ...عرفتم لماذا نحن متخلفون ؟اللهم أرحمنا من تخلفنا ومن المتخلفين وأحمنا من التغييب والتعتيم...وأضىء للناس أن يسألوا أنفسهم لماذا دولنا تتخلف ودولهم ترتقى ؟؟؟؟
    منير معوض

    ردحذف

المتابعون