الخميس، 21 أكتوبر 2010

لماذا أكتب هذه المدونة، وكيف أختار مواضيعها؟

أكتب هذا الجزء من المدونة وأنا في لندن، وربما قد يظهر بعد هذا التاريخ بأسابيع قليلة لأنني أحب أن أكتب مقالاتي قبل تاريخها بمدة.
أول يوم وصلت فيه إلى لندن ذهبت في السادسة ونصف مساءً مع إبني وعائلته إلى حفل في مدرسة أحفادي لنسمع لاعب بيانو محترف يلعب موسيقى كلاسيكية للأطفال ويشرح لهم ما يجب أن يلاحظوه فيما يسمعونه حتى يتعلموا تقدير الموسيقى الكلاسيكية.
جلست مع الأطفال وأهلهم في مسرح المدرسة المدرج، ونظرت حولي وتعجبت أولاً للعدد الكبير من الآباء الذين حضروا إلى المدرسة في هذا الميعاد، فمعظم الآباء يتركوا عملهم الخامسة مساءً، ويصلوا إلى منازلهم حوالي السادسة مساءً، ومن المعروف أن الأطفال في أيام الأسبوع دائمًا ما يدخلوا سريرهم ليناموا في وقت محدد هو الثامنة مساء، وهذا ميعاد مقدس في جميع المنازل هنا، لذا كان إختيار ميعاد الحفل الساعة السادسة والنصف مساءً حتى يستطيع أن يحضر الأهل، وألا يتأخر الأولاد عن ميعاد النوم. ولكن هل كان هناك وقت كاف ليرتاح فيه الأهل؟ لم يكن هناك وقت للراحة بعد يوم عمل طويل، ومع ذلك حضر الأهل لأنهم مهتمون بتعليم أطفالهم، ولذا كان تعجبي، وإعجابي
.
وتعجبت ثانيًا لسن الأطفال فقد كان سن معظمهم يتراوح من 5 إلى 8 سنوات، وقد أحضرهم أهلهم ليتعلموا تقدير الموسيقى الكلاسيكية، لأن الأهل يعرفوا الفوائد الكثيرة لتعليم الموسيقى الكلاسيكية في الصغر، وغالبًا ما يكون الأهل قد بدأوا إعطاء الأولاد دروس في الموسيقى، ويريدوا أن يتكون في وعي أطفالهم الاقتناع بأهمية الموسيقى. سأكتب في مكان آخر عن أهمية تعليم الموسيقى، ولكن لنبقى مع موضوعنا هذا.
وقف لاعب الموسيقى على المسرح، وقبل أن يبدأ اللعب طلب من الأطفال أن يقفزوا في أماكنهم أربع مرات، وفهمت أنه يريد منهم أن يتخلصوا من الطاقة الزائدة التي تكمن فيهم، حتى يستطيعوا أن يجلسوا في هدوء ويستمعوا إليه وهو يلعب، ويستمعوا إليه وهو يشرح لهم معنى ما يلعبه. فأحسست أنه قد وضع نفسه فعلاً مكانهم وتواصل معهم وعرف تفكيرهم وإحساسهم.
هنا قررت أن أكتب في مدونة "أنا ونحن" عن هذا الحادث.
لماذا أكتب عن هذا الحادث؟ وكيف أختار ما أكتب في المدونة؟
تعالوا، سأشرككم معي في تفكيري.
أخترت أن أكتب عما رأيت هذا المساء لأنه كان مختلفًا عما كنت أراه في القاهرة، ففي كثيرًا من المدارس التي تعاملت معها كنت أسمع شكاوي من المدرسين أن أهالي الأطفال لا يحضرون إلى مجالس الآباء، وهنا في لندن، وجدت الأهل مهتمين غاية الاهتمام بتعليم أبنائهم وها هم مستعدون للتضحية بوقت الراحة عندما يرجعون من العمل في المساء حتى يتعلم أولادهم شيئًا عن الموسيقى.
ولم يكتفى الأهل بالتضحية بوقت راحتهم، ولكنهم أيضًا دفعوا ثمن تذاكر لهذا الحفل!! فأمهات الأطفال قد قمن بتكوين هيئة لمساعدة المدرسة، وهن يتبرعن بوقتهن لهذه الهيئة، وهن اللآتي أحضرن لاعب البيانو، وبعن تذاكر الحفل، وتبرعن بدخل الحفل للمدرسة، وهن بذلك قد أثبتن أنهن ومدرستهن مجتمع واحد مترابط الأجزاء، يهتم كل جزء منه بأجزائه الأخرى.
وأكتب عما أرى لأنني أشعر أنني كنت محظوظة في حياتي، فظروف حياتي جعلتنى أعيش حياة مليئة بالأحداث، وجعلتني أتواجد في أماكن مختلفة، وأرى أشياءًا كثيرة، واقرأ عن أشياء مختلفة تثير الاهتمام، فأردت أن أشرككم معي فيما حدث لي، وأكلمكم عنه، وأختار منه ما أعتقد أنه قد يفيدكم، وكما كنت أقول لأولادي وهم يكبرون في الولايات المتحدة "أنتم محظوظون لأنكم قد ولدتم عند خط تقاطع ثقافتين: الثقافة الأمريكية، والثقافة المصرية/العربية/المسلمة، فتستطيعوا أن تختاروا المفيد من كل ثقافة، وتتركوا الغير مفيد"، وأنا الآن أقول لكم كما كنت أقول لأولادي "أريد أن تكونوا أنتم أيضًا محظوظين مثل أولادي، فها أنا أقدم لكم تجاربي، وأسفاري، وملاحظاتي، ولكم حرية الاختيار منها، ففي كل بلد وكل ثقافة ما هو جميل ومفيد ونحب أن نحتذي به، وما هو غير مفيد، وغير جميل، ومن الأفضل أن نتجنبه، ولكم أنتم أن تختاروا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون